سؤال:
هل لك أن تخبرني عن القردة .
هل هي عبارة عن بشر مسخوا إلى حيوانات لمعصيتهم أوامر الله ؟
إذا كان الأمر كذلك : فمن هم هؤلاء الأقوام ؟.
الجواب:
الحمد لله
المسخ هو تغيير الصورة الظاهرة للإنسا ، وقد أخبرنا الله تعالى في أكثر من موضع من القرآن أنه مسخ بعض بني إسرائيل إلى قردة عقوبة لهم على معصيتهم لله تعالى . فقال تعالى مخاطبا بني إسرائيل : ( وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65) فَجَعَلْنَاهَا نَكَالا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ) البقرة/65-66 . وذكر الله تعالى قصتهم بشيء من التفصيل في سورة الأعراف فقال : ( وَاسْأَلْهُمْ عَنْ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا الَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنْ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ) الأعراف/163-166 .
وقال تعالى : ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلا أَنْ آمَنَّا بِالَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ الَّهِ مَنْ لَعَنَهُ الَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمْ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيل) المائدة/59-60 .
وهذا المسخ هو عقوبة من الله تعالى لهم على ارتكابهم ما حرم الله عليهم ، وهذه العقوبة ليست خاصة بني إسرائيل ، بل أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه لن تقوم الساعة حتى يقع في هذه الأمة مسخ ، وتوعد بذلك الذين يكذبون بالقدر ، والذين يشربون الخمر ويستمعون الغناء - أعاذنا الله من ذلك - .
روى ابن ماجه (4059) عَنْ عَبْدِ الَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ مَسْخٌ وَخَسْفٌ وَقَذْفٌ) . صحيح ابن ماجه (3280) .
والخسف هو الذهاب في الأرض بأن تنشق الأرض وتبتلع شخصا أو بيتاً أو بلدة ، كما خسف اللهُ تعالى بقارون وبداره الأرض ، قال الله عز وجل : ( فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ ) القصص/81 .
والقذف هو الرمي بالحجارة ، كما فعل الله تعالى بقوم لوط ، قال الله جل وعلا : ( وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ ) الحجر/74 .
وروى الترمذي (2152) عن ابْنِ عُمَرَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ الَّهِ صَلَّى الَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( يَكُونُ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ خَسْفٌ أَوْ مَسْخٌ أَوْ قَذْفٌ فِي أَهْلِ الْقَدَرِ- يعني المكذبين به -) . صحيح الترمذي (1748) .
وروى الترمذي (2212) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ الَّهِ صَلَّى الَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ : يَا رَسُولَ الَّهِ ، وَمَتَى ذَاكَ ؟ قَالَ إِذَا ظَهَرَتْ الْقَيْنَاتُ وَالْمَعَازِفُ وَشُرِبَتْ الْخُمُورُ ) . صحيح الترمذي (1801) . والقينات هن المعنيات .
فهذه الأحاديث دليل على وقوع المسخ في هذه الأمة ، عقوبةً على بعض المعاصي . فليحذر المسلم من الإقدام على ما حرم الله ، فالويل ثم الويل لمن يثير غضب الله وسخطه وانتقامه . – عافانا الله جميعاً من أساب عقوبته – .
ولكن هذه القردة والخنازيز الموجودة الآن ليست ما مُسخ من الأم السابقة ، وذلك لأن الله تعالى لم يجعل لمسوخ نسلاً ، بل يهلكه الله تعالى بعد مسخه ولا يكون له نسل .
روى مسلم (2663) عَنْ عَبْدِ الَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ الَّهِ ، الْقِرَدَةُ وَالْخَنَازِيرُ هِيَ مِمَّا مُسِخَ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَجْعَلْ لِمَسْخٍ نَسْلًا وَلَا عَقِبًا، وَإِنَّ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ ) والعقب : الذرية . قال النوي رحمه الله في شرح مسلم : قَوْله صَلَّى الَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَإِنَّ الْقِرَدَة وَالْخَنَازِير كَانُوا قَبْل ذَلِكَ ) أَيْ : قَبْل مَسْخ بَنِي إِسْرَائِيل , فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْمَسْخ اه .
والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.